قطاع الصحة بزومي: المأساة اليومية


  يعاني قطاع الصحة بمركز زومي، إقليم وزان جهة طنجة تطوان الحسيمة، مشاكل كبرى تظهر تجلياتها بشكل يومي على المرضى الوافدين إلى هذا المركز الصحي الجماعي المتهالك، إذ يفتقر هذا المركز الصحي إلى أبسط التجهيزات الضرورية لإسعاف الحالات المرضية الوافدة إليه، علاوة على انتشار المحسوبية والرشوة التي أضحت من الأبجديات المؤطرة لعمل هذا المرفق الحساس، وقد تكرر مرارا مشهد المرضى وهم يصرخون على أعتاب هذا المركز الصحي المنخور طلبا للخلاص من أوجاع تراكمت لسنوات بفعل الفاقة والخصاص.


  تجدر الإشارة إلى أن هذا المركز الصحي يضم بين جدرانه طبيبين، قلما يعمران في هذا المستشفى المعدوم، وحتى وإن حضرا فإن وجهة المريض الموالية ستكون بلا شك هي شفشاون أو وزان، ويظل المريض المساري يعاني الأمرين في صمت، يعاني مرار المرض الذي يفتك بجسده ومرار الإهمال الذي يزيد من عذابات المواطنين المساريين البسطاء، ويظل شعار "الصحة للجميع" شعارا حالما في متخيل المواطنين المساريين الذين نفضوا اليد من وعود المسؤولين وكفروا بالعهود الكاذبة التي أضحت بالنسبة إليهم مجرد شعارات غنائية تزين المشهد التمثيلي العام.

   إذا كان المعدل الوطني العام المعلن عنه في المغرب هو طبيب واحد لكل 1038 مواطن فإن منطقة زومي قد شذت عن هذه القاعدة كل الشذوذ، ذلك أن التعداد الإجمالي لسكان جماعة زومي، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى سنة 2014 هو 40600 نسمة، هذا العدد مقابل طبيبين اثنين (وانسجما مع المعدل الوطني المعلن يلزم الحديث عن 40 طبيبا!)، ويتكرر مرارا السؤال حول مصير المرضى المساريين خاصة الأطفال والنساء الحوامل، في ظل غياب أدنى شروط التطبيب القويم وفي ظل الفراغ المهول للأطر الطبيبة وانعدام كل وسائل التدخل العلاجي.



  إن تفاقم أزمة الصحة بالجماعة الترابية زومي، والإقليم عامة، هو أدل شيء على حجم التخلف والبؤس الذي يعشش في هذه المنطقة المنخورة، وتنضاف هذه الأزمة إلى جملة من الأزمات التي تعرفها المنطقة، خاصة ما تعلق بقطاع الماء والتعليم والبنية التحتية المتهالكة، وهو إنذار بمأساة تعتمل شيئا فشيئا في صمت داخل الأوساط الأسرية الهشة بالمنطقة.
  وقد عبرت مجموعة من الفعاليات الحقوقية وفعاليات المجتمع المدني على قلقها وامتعاضها من الوضع الكارثي الذي يعرفه قطاع الصحة داخل تراب الجماعة، وعبرت عن موقفها المناهض لسياسة الإقصاء والتهميش الذي يعانيه المواطن المساري، وخاصة بعد إقصاء أبناء هذه المنطقة من الاستفادة من القافلة الطبية المتعددة التخصصات، والتي نظمت تحت إشراف المندوبية الإقليمية للصحة بإقليم وزان، وبشراكة مع المجلس الإقليمي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والجمعية الطبية للمساعدة على التنمية بتاريخ 26 مارس من سنة 2017، كما عبرت الساكنة عن أسفها البالغ من جراء الحيف المطبق على أبناء هذه المطقة.

  إن دستور المملكة المغربية 2011 نص بوضوح، في الفصل 31 منه، على ضرورة تمتيع المواطنين بالحق في التطبيب، و أكد على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتسيير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة.
  لكن تبقى ساكنة جماعة زومي استثناءا داخل تراب الوطن، حيث يتراكم التهميش وتزداد حدة الفوارق التي تبعد هذه المنطقة المكلومة عن كل مسلسل تنموي مأمول، وما حال قطاع الصحة، المتهالك، سوى تمثيل لحالة الهشاشة العامة التي تنخر أوصال هذه المنطقة الهشة.

  
التعليقات
0 التعليقات
شكرا لتعليقك